عربة حديدية مليئة بأجولة تفوح منها روائح كريهة تشمئز منها الأنوف، يدفعها أشرف رضوان، مترجلاً في شوارع أرض اللواء، بالمهندسين، ينادي الأهالي بقدومه لجمع القمامة.
يوم عمل شاق
يوم جامع القمامة يبدأ من السادسة صباحًا، يتناول وجبة الإفطار في عجالة ويخرج مُسرعا من منزله الكائن في منطقة إمبابة، ليجوب شوارع أرض اللواء وبولاق الدكرور حتى الساعات الأخيرة قبل آذان المغرب.
«لو نمت يوم عيالي هيجوعوا».. قالها الرجل الخمسيني معربًا عن فخره وعزة نفسه بعمله من أجل سد احتياجات منزله المكون من 3 أبناء في مراحل تعليمية مختلفة وزوجته، وتابع: «عندي عيل في اعدادي و2 في ابتدائي».
على الرغم من جسده النحيل إلا أنه يدفع عربته الحديدية بقوة الحاجة للقمة العيش وحتى وإن كانت وسط لهيب الشمس، وقال سالم إنه عمال النظافة مثله لديهم مناعة ربانية ضد الأمراض فضلاً عن قوة تحملهم لأشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف.
أشعة الشمس الحارقة
كاب بلون أبيض وزجاجة مياه مثلجة ومنديل قماش.. تلك هى أدوات عامل النظافة لمواجهة حرارة الطقس خلال جولاته الميدانية، وقال الكاب الأبيض يخفف من أشعة الشمس على رأسي والمياه المثلجة لغسيل وجهي للترطيب والمنديل القماش لإزالة العرق أولاً بأول.
وتابع: «فيه ناس يبقوا حاطين برفانات ومش مستحملين حرار الجو في الصيف فما بالك لو لابس هدوم عامل النظافة وفي عز الشمس بتلف على رجلك علشان كام جنيه في آخر اليوم»، يشير الرجل الخمسيني إلى أنه مثل أبناء جيله قادرون على تحمل مشاق وعناء العمل مقابل بعض الجنيهات، في حين «شباب اليومين دول» على حد وصفه يتقاضون آلاف الجنيهات في مكاتب مكيفة ولا يستطيعون مواصلة العمل.
«ساكن في شقة دور أرضي بدفع 800 جنيه إيجار شهري».. يستكمل عامل النظافة حديثه وقال إنه يعتمد على بعض «الإكراميات» من الماره فضلاً عن ما يتحصله من أصحاب الشقق مقابل جمع القمامة في الفترة المسائية وفي الصباح يمارس عمله الحكومي مقابل بعض الجنيهات في أول كل شهر.
بحزن جدًا من الشباب اللي مش قادرين على مواجهة الحياة على الرغم تحسن أحوالهم الاجتماعية.. يستكمل عامل النظافة حديثه، وقال إنه كثيرًا ما يسمع أصوات الشباب خلال تنظيفه للشوارع وإزالة القمامة من أسفل سيارتهم وهم يتشاجرون مع أسرهم حول عدم رغبتهم في العمل بسبب حرارة الجو، وتابع: «اللي زي ده عمره ما يقدر يشيل مسؤولية نفسه ولا مسؤولية عيال».