لم تتمالك «فاطمة.ك» نفسها مع بداية حديثها بشأن قصة ابنها الغارق في مياة البحر المتوسط، وقالت بنرة الحزن وبكاء في مكالمة هاتفية لمحرر الوفد، إنها الجاني على حياة فلذة كبدها.
بداية الرحلة
«ابني مات بطمعي».. تستكمل السيدة الخمسنية، حديثها، بأن ابنها «خالد» استمع لحديثها كثيرًا عن الشباب الذين تركوا قريتهم بمحافظة أسيوط، وسلكوا طريق الهجرة للعمل خارج مصر، لكسب المال.
الفكرة تكبر مع الشاب خالد وما إن وصل لسن الـ16 حتى بحث عن أول فرصة للسفر إلى إيطاليا، واتفق مع بعض من الشباب للسفر عن طريق البحر بقارب.
تستكمل السيدة حديثها هاتفيًا، وتشير إلى أن «خالد» جاء لها في يوم وقال «أمي أنا اتفقت مع شباب وهنسافر لإيطاليا بس عايز 8 آلاف جنيه».
فرحة عارمة للأم فور سماع رغبة ابنها للسفر، وقالت إنها أحضرت له الفلوس المطلوبة للسفر، وأحضر شنطنة، وقالت: «كده يابني هحس اني خلفت راجل».
الوداع الأخير
في ظلام الليل وبينما ينام الجميع في بلدته، خرج ابنها الوحيد «خالد» مودع والدته، وينظر إليها بعيون الفرحة وقال لها «هروح أحقق أملك وأملي يا أمي».
عادت الأم لغرفتها والأحلام تراودها في قدرة ابنها لتحقيق مكاسب مالية يستطيع من خلالها تعوضيها عن أيام الحرمان، وتجهيز نفسه للجواز.
بعد أيام، حاولت الأم التواصل مع ابنها، تمسك بهاتفها وتطلب الرقم.. ثواني قليلة وتعود عليها رسالة مسجلة «الرقم غير موجود بالخدمة»، لا تبالي الأم ظنًا بكون الإشكالية في الشبكة.
تمر الساعات وتحاول الأم التواصل مع ابنها مجددًا، لكن تعود عليها نفس الرسالة بخروج الرقم خارج الخدمة، تقلق الأم بعض الشيء على ابنها وتحاول التواصل مع الشباب المسافرين معه، لتجد نفس الرسالة.
القلق يسيطر على السيدة، لساعات طويلة، تحاول مرارًا التواصل على هاتف ابنها بدون جدوى، وتمر الأيام ويزداد معها حيرة الأم المكلومة، حتى جاء لها شيخ البلد قائلاً لها إن ابنها والشباب الذين سافروا توفوا جميعًا في مياه البحر المتوسط، البعض خرجت جثثهم لكن ليس من وسطهم جثة ابنها.
«بتقول إيه تاني معلش مسمعتش».. لم تتمالك الأم نفسها وتصرخ قائلة: «أنا اللي موت ابني أنا اللي موت ابني».
ومنذ غرف ابنها في مياه البحر المتوسط منذ 7 سنوات، ولم تجد الأم جثة ابنها أو يخطرها أحد بظهورها، وقالت: «أنا عايشة دلوقتي على أمل حد يرن عليا أو يدخل عليا بجثة ابني علشان ادفنها».