تُعد مشكلة القمامة وروائحها الكريهة من أكثر المشاكل التي تواجه العديد من المناطق الشعبية في مصر، مثل إمبابة والمنيب وأرض اللواء وبولاق الدكرور، والكونيسة، وفيصل، فكلما ترجلت في هذه الأحياء يقابله روائح تشمئز منها الأنوف نتيجة انتشار تلال القمامة على جوانب الطرق، والتي تكون مغطاة بالذباب والحشرات المختلفة.
أزمة انتشار القمامة ليست جديدة، بل هي مشكلة قديمة تعاني منها تلك المناطق منذ سنوات طويلة. وقد كشفت هذه المشكلة عن فشل بعض الأنظمة في السيطرة على القمامة وإيجاد حلول فعالة لمعالجة هذه القضية، وبحسب آخر البيانات الرسمية من قبل الجهات التنفيذية فيبلغ المتولد اليومى للمخلفات الصلبة من القمامة 47 ألف طن/يوم على مستوى الجمهورية، ويبلغ نصيب محافظات القاهرة الكبرى بمفردها منها 19.5 ألف طن.
القمامة في دول الغرب
مصر ليست الوحيدة التي تعاني من القمامة، فإذا نظرنا لدول الغرب نجد ألمانيا تحتل المرتبة الأولى في العالم إنتاجًا للقمامة، فيعاد تصنيع 40 % من النفايات في الدول الأوروبية، تبلغ النسبة في ألمانيا أكثر من 60 بالمائة، وتعالج الصناعات الألمانية سنويا ما قيمته 500 مليار يورو من المواد الخام، ويشكل هذا المبلغ 45 بالمائة من تكاليف الإنتاج، في حين تشكل الأجور 18 بالمائة فقط.
بحسب أخر التقارير الصادرة عن مجلس الوزراء، تضم مصر 28 مصنعاً لإعادة التدوير، وجار العمل لزيادة العدد إلى 56 مصنعاً، حيث يتم جمع أكثر من نصف نفايات محافظة القاهرة من قبل القطاع غير الرسمي، والذي يتكون من 50 ألف معالج نفايات و150 ألفاً من جامعي النفايات وفارزيها والتجار وسائقي شاحنات، وتتم إعادة تدوير نحو 80% من نفايات محافظة القاهرة، ومنها 290 ألف طن من البلاستيك سنوياً
ويتطلب التخلص من مشكلة القمامة وروائحها الكريهة، جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع المحلي، حيث يجب على السلطات المختصة توفير خطط شاملة لإدارة النفايات وتحسين بنية التحتية لجمع وتخزين القمامة، كما يجب تشجيع المواطنين على التحلص من القمامة بشكل صحيح والحد من إلقاء النفايات في الأماكن غير المخصصة لذلك، كما يجب توعية المجتمع المحلي بأهمية الحفاظ على نظافة البيئة وتبني سلوكيات صحية في التخلص من القمامة، ويمكن اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يقومون برمي القمامة في الأماكن غير المخصصة لها بالتعاون والتضافر بين الحكومة والمجتمع المحلي، يمكن التغلب على مشكلة القمامة وروائحها الكريهة في تلك المناطق، وتوفير بيئة نظيفة وصحية لسكانها.
في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من المواطنين من انتشار القمامة في الشوارع، ترد الحكومة ببيان مفصل بجهودها في ملف إعادة تدوير القمامة، حسب التقرير الصادر من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحت عنوان «إعادة التدوير.. الطريق إلى التنمية البيئية المستدامة».
وركز التقرير على تعريف عملية إعادة التدوير، ومراحلها الأساسية، ومناقشة الجدوى الاقتصادية لها، كما تطرَّق التقرير للحقائق والأرقام ذات الصلة بعملية إعادة التدوير على مستوى مصر والعالم، والفرص المتاحة لتعزيز عمليات إعادة التدوير في إطار تحقيق التنمية المستدامة، والتحديات التي تواجهها.
تقوم عملية إعادة التدوير بتحويل النفايات إلى منتجات جديدة تكون مفيدة للمجتمع والبيئة. وتشمل هذه العملية مجموعة متنوعة من المواد مثل خردة الحديد والصلب، وعلب الألومنيوم، والزجاج، والورق، والخشب، والبلاستيك.
وتتضمن عملية إعادة التدوير ثلاث مراحل رئيسية: جمع النفايات، ومعالجتها أو إعادة تصنيعها، وتحويلها إلى منتجات جديدة. كما تُستخدم المواد المُعاد استخدامها كبدائل للمواد الخام التي يتم الحصول عليها من الموارد الطبيعية.
كما تعد عملية إعادة التدوير أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. فبالإضافة إلى تقليل حجم النفايات وتوفير الأموال اللازمة لطمر النفايات أو حرقها، تعمل عملية إعادة التدوير على دعم الاقتصاد والبيئة من خلال توفير فرص عمل جديدة في مجال إعادة التدوير وتصنيع المنتجات المعاد تدويرها.
توفير فرص العمل
ويتمخض عن إعادة تدوير مخلفات الطعام والمخلفات الخضراء تقليل التلوث الناجم عن حرق النفايات، كما أنها تساهم في توليد الأسمدة التي تعزز الأمن الغذائي. وبالتالي، يمكن القول إن عملية إعادة التدوير لها تأثير إيجابي كبير على البيئة والاقتصاد على حد سواء.
ونوه التقريرالصادر من مركز المعلومات بمجلس الوزراء إلى توفير فرص عمل حيث تشير التقديرات إلى أن حرق 10 آلاف طن من النفايات يوفر وظيفة واحدة، فيما يخلص دفن نفس الكمية 6 وظائف بينما تسهم إعادة تدوير الكمية ذاتها في خلق 36 وظيفة، كما تشير التقديرات أيضاً إلى أن زيادة معدلات التدوير الراهنة بنسبة 75% ستخلق ما يقرب من 3.2 مليون وظيفة بحلول 2030.
بحسب التقرير تمتلك مصر فرصة زيادة الاستثمارات في قطاع إعادة التدوير ومعالجة المخلفات، حيث يبلغ إجمالي المخلفات التي تنتجها مصر سنوياً نحو 90 مليون طن، كما يبلغ إجمالي حجم المواد القابلة للتدوير 24.3%، وهو الأمر الذي يوفر فرصاً استثمارية في مجال تدوير المخلفات، بما يضمن تحقيق الاستفادة الاقتصادية، وكذلك الالتزام بالمسئولية البيئية.
وأشار التقرير إلى العديد من التحديات التي تواجه عمليات إعادة التدوير للقمامة ومنها غياب الوعي والثقافة بشأن إعادة التدوير حيث يفتقد الكثير من الأفراد للثقافة والمعلومات اللازمة لإعادة التدوير، على الرغم من معرفتهم بعوائدها الإيجابية وأهميتها للبيئة.
كما ضمن التحديات بحسب التقرير ضمان السلامة المهنية للعمال حيث يواجه العمال القائمون على عمليات إعادة تدوير النفايات العديد من المخاطر التي تتعلق بالسلامة والأمان مثل التعرض للتسريبات الكيميائية وحوادث التفجير الناتجة عن الغبار القابل للاشتعال، وارتفاع تكلفة إعادة التدوير حيث يتعلق هذا الأمر بعدم توفر الخدمات اللازمة لإعادة التدوير أو ارتفاع تكلفتها المادية، وأيضاً انخفاض الطلب على المواد المُعاد تدويرها حيث ترى بعض الشركات أو الأفراد أن شراء المنتجات المعاد تدويرها يُماثل شراء المنتجات المستعملة ولكن بسعر كامل وفي بعض الأحيان يكون سعر المواد المُعاد تدويرها أعلى من المواد الجديدة، وكذلك الحاجة إلى بنية تحتية وتقنيات حديثة ويتمثل ذلك في ضرورة توفر البنية التحتية والتقنيات المتطورة التي تتطلبها عملية إعادة التدوير، خاصة في ضوء تنوع وتعقيد المواد التي تحتاج إلى إعادة تدوير.